من المقاولون العرب إلى أنفيلد.. قصة محمد صلاح كما يرويها هو

من المقاولون العرب إلى أنفيلد.. قصة محمد صلاح كما يرويها هو

20 ديسمبر، 2017 - 01:12pm

شبكة أجيال الإذاعية ARN_ تجاوزَ التوقعات وسَحرَ الجماهير وكسر الأرقام القياسية، وبات مطمع أقوى فرق العالم. إنه الفرعون المصري محمد صلاح، المتوج أخيرًا بلقب أفضل لاعب إفريقي، وهداف الدوري الإنجليزي حتى الآن مع فريقه العريق ليفربول. ولكن كيف بدأ النجم المصري مشواره مع عالم الساحرة المستديرة؟ هذا ما يتناوله تقرير على الموقع الرسمي لنادي ليفربول، أعده جيمس كارول.

منذ أن حط الرحال في ملعب أنفيلد قادمًا من نادي روما الإيطالي في يوليو (تموز) الماضي، أحرز الجناح الطائر 20 هدفًا في 26 مباراة فقط للريدز، مصيبًا دفاعات الخصوم بالإعياء. لا يختلف اثنان على موهبة الفرعون المصري محمد صلاح، بل إنه حتى قد كسب إشادة مشجعي الفرق المنافسة.
فكيف وصل الشاب البالغ من العمر 25 عامًا إلى هذه المرحلة في حياته المهنية؟ وكيف بات مهاجمًا ذكيًا خطيرًا يتناسب تمامًا مع أسلوب لعب ليفربول الهجومي؟ يتساءل كارول.

أجرى الموقع الرسمي لنادي ليفربول حوارًا مع النجم المصري كشف فيه للمرة الأولى اللحظات التي مكنته من أن يصبح الشخص واللاعب الذي هو عليه اليوم – منذ أيامه الأولى في شوارع قرى نجريج في مصر إلى أن أصبح هدافًا محليًا وعلى مستوى القارة.

البداية
وُلد محمد صلاح في قرية نجريج في محافظة الغربية في عام 1992 – يشير كارول – والتحق بفريق المقاولون العرب في سن السابعة عشرة، وعن سنواته الأولى يقول صلاح «عشقت كرة القدم منذ صغري، وأتذكر متابعتي لدوري أبطال أوروبا، وتقمصي أدوار نجوم مثل زيدان ورونالدو وتوتي مع أصدقائي. لقد سحرني هؤلاء بمهاراتهم».

ويضيف صلاح «كنت أمارس الكرة مع أخي وأصدقائي دومًا. ولطالما قال لي صديق مقرب ستصبح نجمًا ذات يوم. وهو لا يزال صديقي حتى اليوم. بدأت حياتي الاحترافية في سن الرابعة عشرة بتوقيع عقد مع نادي المقاولون العرب، لكن البداية كانت صعبة».

ويواصل صلاح حكايته فيقول «التحقتُ بنادٍ يقع على بعد نصف ساعة من قريتي. ثم انتقلتُ إلى ناد في طنطا، وكان أكثر بُعدًا. بعدها انتقلت إلى المقاولون العرب في القاهرة، فكانت الرحلة تستغرق أربع ساعات ونصفًا لمدة خمسة أيام في الأسبوع لحضور التدريب».

ويشير صلاح: «كنتُ أضطر إلى مغادرة المدرسة باكرًا للحاق بالتدريب. كنت أذهب من الساعة السابعة حتى التاسعة صباحًا، ثم حصلت على إذن رسمي بمغادرة المدرسة باكرًا حتى أتمكن من الوصول إلى النادي في الثانية ظهرًا للتدريب. لذلك كنت أداوم في المدرسة لمدة ساعتين في اليوم».

«لمدة خمسة أيام في الأسبوع، على مدى ثلاث أو أربع سنوات، ظللت أقوم بهذه الرحلة. كان التدريب دائمًا يبدأ في حدود الرابعة عصرًا، وينتهي قرب السادسة، ثم كنت أصل إلى المنزل بين العاشرة والعاشرة والنصف، فأتناول العشاء، وأخلد إلى النوم، ويتكرر الأمر في اليوم التالي». ويؤكد صلاح أنه كان يستقل عدة حافلات للوصول إلى التدريب ومن ثم العودة إلى منزله مرة أخرى.

لطالما حلمتُ بالنجومية» يؤكد صلاح. «وللأمانة لم يكن واضحًا لي كيف ستسير الأمور. كنتُ قادمًا من لا شيء، طفل يبلغ من العمر 14 عامًا له حلم. لم أكن أعرف أنه سيتحقق، وإنما أردت بشدة أن يتحقق. ما زلت أتذكر أيامي الأولى، ولكن من الصعب القول في أي عمر بدأت أدرك أنني سأمتهن كرة القدم. عندما كنت في السادسة عشرة أو السابعة عشرة، التحقت بالفريق الأول، وبتُ على مشارف أن أصبح شيئًا. ولكن حين كنت صغيرًا، كنت خائفًا من ألا أصبح لاعب كرة قدم، ولكنني بذلت قصارى جهدي وأملت في النجاح. ولكن في سن السادسة عشرة، أصبح كل شيء أكبر عندما التحقتُ بالفريق الأول».

ويؤكد صلاح أنه لا يستطيع أن يقول ماذا كان سيصبح إذا لم يمتهن كرة القدم، لأنه كان يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم منذ سن الرابعة عشرة. ولم يكن لديه شيء آخر في ذهنه. فإذا لم يصبح لاعب كرة قدم جيدًا، فإنه يثق في أن حياته كانت ستصبح صعبة. ويشدد على أنه يحتفظ بذكريات جميلة لوقته مع المقاولون العرب.

اللعب للمنتخب المصري
كان صلاح يبلغ من العمر 19 عامًا فقط عندما لعب لمنتخب مصر لأول مرة – يشير كارول – وذلك في مباراة ضد سيراليون في 2011. وبعد شهر، أحرز هدفه الأول لمنتخب بلاده ضد النيجر، ومثّل الفراعنة أيضًا في دورة الألعاب الأولمبية في إنجلترا في 2012.

وعن ذلك، يقول صلاح «لم أصدق الأمر – إذ التحقتُ بالمنتخب الوطني عندما كنت في التاسعة عشرة. وكان من الصعب تصور ذلك لأن هذه سن مبكرة للغاية. خاصة بالنسبة إلى جيلنا، لأن الجيل الذي سبقنا كان كل منهم يبلغ حوالي سن الثلاثين، وقد مثّل هذا نجاحًا مدهشًا».

بعد مدة قصيرة، بدأ المشجعون يمارسون ضغوطًا هائلة عليه لبذل كل ما عنده مع الفريق الأول وهو لا يزال في سن يافعة، لكن اللعب مع المنتخب الوطني حلم كبير. «واحدة من أفضل ذكرياتي من الأيام الأولى مع المنتخب الوطني كانت عندما ذهبت إلى دورة الألعاب الأولمبية في عام 2012. كانت لحظة جيدة بالنسبة إلي، وخاصة لأنني كنت قد وقعت للتو لبازل السويسري».

سجل صلاح هدفًا في ثلاث مباريات في أولمبياد لندن، وصعد المنتخب الأوليمبي المصري إلى الدور ربع النهائي. «قدم هذا أوراق اعتمادي إلى مشجعي بازل لأنهم رأوا قدرتي على إحراز الأهداف. وكان هذا حافزًا لي لبذل المزيد من الجهد لتطوير مهاراتي. تشهد دورات الألعاب الأولمبية دائمًا مشاركة نجوم كبار، لذلك كان هذا وقتًا طيبًا بالنسبة إلي».

الانتقال إلى أوروبا
بعد تألقه مع المقاولين العرب – يشير كارول – انتقل صلاح إلى أوروبا في عام 2012 على خلفية مشاركته الناجحة في دورة الألعاب الأولمبية. وكان بازل السويسري وجهته الأولى.

«كانت خطوة صعبة للغاية، الانتقال إلى ناد في قارة أخرى، وخاصة في مثل هذه السن المبكرة. لقد نشأت في مصر التي أحفظها عن ظهر قلب، بخلاف سويسرا التي ما كنتُ أعرف عنها أي شيء. لم أستطع التواصل مع الآخرين لأنني لا أتقن الإنجليزية أو الألمانية السويسرية. وكنت أجهل من أين يمكنني الحصول على طعامي أو أي شيء».

ويضيف صلاح «عشت بمفردي هناك. لقد كان وقتًا صعبًا لأنه لم يكن لدي ما أفعله. إذ كنا ننتھي من التدریب فيتبقى أمامي 15 ساعة حتی موعد التدریب التالي، كنت أقضى منها 10 ساعات في النوم، لذا كنت أتنزه في الشوارع لعدة ساعات ثم أعود إلی الفندق. وعندما أعود إلى الفندق، لم أكن أشاهد التلفزيون لعدم وجود قنوات مصرية! لذلك كان وقتًا صعبًا في البداية، ولكنني تأقلمت سريعًا. قلت لنفسي، علي التعامل مع هذا الوضع وإلا فسيزداد سوءًا. لذلك هذا ما فعلته».

عمل صلاح طوال الوقت على التفكير في تحسين مهاراته والتفوق على جميع اللاعبين الآخرين – يقول كارول – هذا ما كان يشغله، ولهذا السبب استطاع بسرعة كبيرة تغيير ذهنه.

«بدأت في حضور دورات في اللغة الإنجليزية لمساعدتي على التواصل. ولكن بعد فترة اضطررت إلى التوقف لأنني لم أكن أمتلك ما يكفي من الوقت لاستكمال الدورة بعد التدريب. وعندما جئت إلى إنجلترا مع تشيلسي، تحسنت لغتي الإنجليزية قليلًا. ثم انتقلت إلى إيطاليا وتعلمت الإيطالية، التي أتكلمها بشكل جيد – وها أنا الآن مجددًا في إنجلترا لتحسين لغتي الإنجليزية».

وينوه صلاح بالقول «أهم لحظة لي هي المشاركة في دوري أبطال أوروبا. لم أصدق نفسي حين شاركت فيها مع بازل. ولكن في سنتي الأولى هناك، لم نصل إلى مرحلة المجموعات لأننا خسرنا في جولة التصفيات. لكننا قدمنا أداءً مبهرًا في الدوري الأوروبي وقتئذٍ، ووصلنا إلى الدور نصف النهائي. وقدمت مستوى جيدًا في البطولة. كنت من أبرز صانعي الألعاب في الدوري الأوروبي».

اقرأ أيضًا: هل أصبحت المغرب على أعتاب استضافة كأس العالم 2026؟

«إن بازل ناد رائع. ولدي علاقة جيدة حتى الآن مع الجميع هناك. هم لا يزالون أصدقائي وأنا أحبهم كثيرًا. ودائمًا ما أبحث عن نتائجهم لمعرفة كيف يبلون، خاصة لأن هناك لاعبًا مصريًا آخر هو صديقي عمر جابر. نحن قريبون جدًا ونتحدث مع بعضنا البعض كل يوم».

يمثّل بازل نقطة انطلاق رائعة لأي لاعب إفريقي للبدء في أوروبا. إنه ناد كبير ويتمتع بتنظيم عالٍ واحترافية شديدة، وقد لعب صلاح معهم في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. ويعتبر بازل خطوة كبيرة في حياته المهنية، فبدون بازل ما كان ليصل إلى ما هو عليه الآن.

لندن تنادي

في أوائل عام 2014، انتقل صلاح من بازل السويسري إلى تشيلسي الإنجليزي. أمضى سنة واحدة في لندن، والتي شملت مواجهة مع ليفربول في ملعبه الأنفيلد، التي سيكون لها لاحقًا تأثير على قراره أن يأتي إلى الأخير. يقول صلاح «أبدى ليفربول اهتمامًا بي عندما ذهبت إلى تشيلسي، ولكن أعتقد أن الأمور لم تكن لتسير بشكل جيد مثل الآن إذا وافقت على الانتقال إلى الأنفيلد. من يدري؟ لكنني ذهبت إلى تشيلسي ولم تنجح التجربة بشكل كبير، والآن أنا هنا في ليفربول في الوقت المناسب».


صلاح يحتفل بهدفه في أرسنال.
«لقد تعلمت الكثير من تشيلسي. تعلمت كيف تكون أكثر مهنية وأن تصبح شخصًا ولاعبًا أفضل. كانت خطوة كبيرة في مسيرتي وكانت علاقتي جيدة مع اللاعبين هناك – ويمكنك أن ترى ذلك عندما لعبنا ضدهم في الأنفيلد مؤخرًا».

لعب صلاح في الأنفيلد أول مرة عندما كان في صفوف تشيلسي – يشير كارول – وحين شهد أجواء الملعب، لم يصدق نفسه، وعاهدها على اللعب يومًا ما هنا. كان سعيدًا جدًا للعب ضد ليفربول – لكنه الآن أكثر سعادة للعب في صفوف ليفربول.

الانتقال إلى إيطاليا
انتقل صلاح إلى إيطاليا في 2015، في البداية على سبيل الإعارة إلى فيورنتينا قبل انضمامه إلى روما، حيث قضى موسمين ناجحين للغاية.
«قضيت أربعة أشهر طيبة في فيورنتينا؛ وقدمت مردودًا جيدًا في الدوري الأوروبي ودوري الدرجة الأولى الإيطالي. وقبل أن أنتقل إلى هناك، قلت في نفسي أنا أستحق أن ألعب هنا. كنت مؤمنًا بقدراتي وأنا ذاهب إلى فيورنتينا لإظهار كل ما عندي وما يمكنني القيام به.

وأضاف صلاح «ثم أمضيتُ عامين عظيمين في روما وكنت سعيدًا جدًا هناك. روما ليست مكانًا سهلًا للعب، فهناك الكثير من الضغط والمكان هناك مختلف. لا أستطيع أن أشرح كيف، ولكنك ستشعر أن روما يختلف عن أي ناد آخر. وكانت علاقتي بالجماهير طيبة للغاية».

«كان لوتشيانو سباليتي خير معين لي. إنه شخص ذكي جدًا. دائمًا بعد التدريب، كنت أتوجه إليه وأطلب منه تحسين هذه المهارة أو تلك، فلم يردني قط. كما ساعدني في تحسين شخصيتي، وتطوير مهاراتي الدفاعية. فشرح لي كيفية الدفاع مع الفريق ورأيت نفسي أتحسن بشدة في هذا الجانب».

إلى أنفيلد

في منتصف 2017، أعلن ليفربول الحصول على خدمات صلاح في صفقة طويلة الأجل. شعر مشجعو الريدز بحماس كبير – وحتى الآن، ثبت أن لهم كل الحق في ذلك.
يستهل صلاح الحديث عن هذه اللحظة بالقول «كنت دائمًا أحلم بالعودة إلى هنا. أردت أن ألعب هنا وأظهر للجميع مهاراتي. عندما أدركت أنني بتُ على وشك المجيء إلى ليفربول، كنت سعيدًا جدًا، وبعد أن تحدثت إلى رئيس مجلس الإدارة للمرة الأولى بعد الاتفاق، كنت أكثر سعادة».

«لماذا يناسبني نادي ليفربول؟ بسبب أشياء كثيرة. حين كنتُ ألعب لعبة فيفا على البلاي ستيشن، كنت أختار ليفربول من أجل ستيفن جيرارد، وسامي هيبيا، وجيمي كاراجر، ومايكل أوين وتشابي ألونسو. وحين جئت إلى هنا تذكرت هذا».

تختلف طريقة لعب ليفربول عن روما – يوضح كارول – ولهذا استغرق الأمر بعض الوقت من صلاح للتكيف. ولكن في نهاية المطاف، قدم أداءً مذهلًا – ولكن الفريق بحاجة لكسب العديد من المباريات ليكون في وضع أفضل. «اللاعبون هنا ودودون جدًا معي. نتحدث مع بعضنا البعض ونقضي أوقاتًا طيبة، كلهم متواضعون وهذا ما يجعلني أفضل. أهم ما يميز ليفربول العلاقة المميزة التي تجمع اللاعبين بالمدرب».

منقول عن ساسة بوست