" ايو " مدينة صينيه على اكتاف الرحاله العربي "  ابن بطوطة ".

" ايو " مدينة صينيه على اكتاف الرحاله العربي " ابن بطوطة ".

29 فبراير، 2016 - 12:02pm

بكين، ايمان هريدي: بين ثناياها الكثير من الروايات والحكايات ، ابطالها شبان فلسطينيون جسدوا مثالاً حياً للنجاح والتحدي، لشق طريقهم نحو مستقبل اَمن، هرباً من شبح البطالة وشح الموارد والعيشة الضنئه في فلسطين تماما كحال الكثير من العرب في الصين .

" ايو" مدينة صينية تقع الى الجنوب الشرقي لمقاطعة جينجانج ، والتي تبعد عن العاصمة بكين نحو 159 كم، وتقع في منتصف الطريق الرئيسي الذي يربط مقاطعة جياجينغ ومقاطعة جينسي، وتبعد عن العاصمة الاقتصادية " شنغهاي" نحو ثلاث ساعات سفرا بالقطار السريع . اعتبرت "ايو " في مطلع عام 2015 كأفضل مدينة صينيه للتجارة العالمية نظرا للتطورات الاقتصادية والاجتماعيه فيها ، واعتبرت الجنة الخضراء لقاطنيها حسب ما نشرته بلدية " ايو " على موقعها الرسمي باللغة الصينية. ف على شرقي ضفاف نهر --- تربعت محلياً على عرش اكبر المراكز الاقتصادية الصينية لتصدير السلع الصغيرة ، وتوجت عالميا بقلب اكبر الاسواق في العالم، وافضل مدينة للمعارض التجارية للسلع الصفيرة عام 2005.

حازت " ايو " على انظار التجار العرب في بداية الالفية الثانية ، وتتمركز طبيعة اعمالهم بين شحن البضائع وتصديرها للشرق الاوسط ، وبين الاشراف على سير العملية التجارية من الفها الى ياءها ، واعمال اخرى تتركز على مشاريع تجارية صغيره لنقل البضائع والمنتجات العربية الى المجتمعات الاسلامية والجاليات العربية في الصين بهدف فتح اسواق تجارية لها، ووصل حجم التبادلات التجارية بين العرب والصين في عام 2004 الى 36$ بليون وعام 2011 الى200$ بليون ، وتطمح الحكومة الصينية الى زيادة حجم التبادلات في عام 2014-2016 الى نحو 300$ بليون دولار .

بعيدا عن الاحصائيات والارقام ، ف عندما تطئ بقدمك مدينة ايو ، تجد خطى احذية الطنبوري تتشدق بكافة ارجاء المدينة ، فأينما يقع نظرك فيها ، ستجد مشهدا لمدينة عربية باسواقها ومطاعمها وناسها ، وستلتهب أذنيك عند سماعك لاغانى عبد الحليم وام كلثوم والاغاني الثورية والوطنية الفلسطينية التى تلهب حريق الغربة، وتطفيها ينابيع الاشتياق للوطن العربي المكلوم ، وستأخذك رائحة الزعتر البلدي والميرمية الى حكايات الشباب الفلسطيني الذين بدأو مسيرتهم بالعلم والتجارة ، فأنس الجحجوح ، ابن الخامسة والعشرين ربيعا من مخيم قلنديا ، يروى حكايته عندما دخل الصين وهو ابن الثامنة عشر " كانت ايو بمثابة المدينة الحاضنة لي، لم اجد معنى للاغتراب في ايو ،فاينما ذهبت وجدت حيزا للغة العربية في كل مكان ، حتى في المقاهىالتي تحاكي تماما شوارعنا الفلسطينية ، نجلس ونتسامر الاحاديث عن الوطن وما يجري فيه ، قلبنا لا يزال للوطن ، ولكن الحاجة الى مستقبل كريم لاولادي ولعائلتي دفعنا الى الصين " بينما محمد الجحجوح / ابن 23 عاما وهو طالبا فلسطيني في جامعة نيانجن ليجون " جئت الى ايو بهدف الدراسة ، وتعلم اللغة الصينية ، وحتى اعيل دراستي ، اعمل بالفترة المسائية في احد المخازن المملوكة لشخص فلسطيني ، ونعمل في تجارة الالمنيوم واحيانا في الادورات المنزلية ، ونصدرها الى الدول العربية وخاصة الى فلسطين والجزائر " . بينما اشرف النبالي من نابلس علق " لقد تزوجت بفتاه صينية من اجل البقاء في ايو ، و من اجل الحصول على فيزا عائلية نظرا للشروط التى تفرضها الحكومة الصينية على فيزا العمل " ويعمل اشرف في مجال الادوات الطبية وفن الاسنان ، حيث يعتبر ان هذا المجال له مستقبلا في الصين ، وتطرق الى طبيعة الصعوبات التى يواجهها الفلسطيني عند البدء بمشروع تجاري في المدينة ، تتمثل في السيولة والتراخيص وايجاد عملاء في الدول العربية ، بسبب تنافس الكثير من الشركات العربية في مجال الشحن والتصدير في المدينة ".

محمد اللوح ، رئيس الاتحاد الطلابي الفلسطيني – فرع الصين أضاف " نحو اكثر من 145 طالبا فلسطيني يدرس في مختلف الجامعات الصينية ، ومعظمهم يعمل في التجارة من اجل سد احتاجهم اليومي ، و من اجل الحصول على فيزا طالب ومن بعدها العمل ، و لقد تم تأسيس الاتحاد من اجل مساعدة الطلاب والبحث في المشكلات التي قد تواجههم ، كما ويهتم الاتحاد جزئيا بشؤون الجالية الفلسطينية، حيث ان الجالية الفلسطينية ليس لها اطار موحد وغير مفعل منذ فترة التسعينات " وركز محمد ،على ان معظم الفلسطينيين في مدينة "ايو"، هم من رجال الاعمال الفلسطينيين ويليها شريحة الطلاب .

النجاح وحدة ليس حليف التجار الفلسطينيين بل ان سيف الفشل قد أصاب البعض منهم ، ف حكاية التاجر الفلسطيني ، الذي رفض ذكر اسمه يقول " لقد كنت من افضل التجار في المنطفة ، وعملت على فتح سلسة من المطاعم الفلسطينية في المنطقة، الى ان صفقة خاسرة أدت بي الى التهلكة، وأضحيت بين ليلة وضحاها، من مالك الى عامل نظافة في احد المطاعم العربية " ، حاله كحال عامر السوري من مدينة حلب السورية ، حيث قدم الى ايو بعد ان ترك ممتلكاته في سوريا جراء الحرب ليصبح عاملا في مطعم للشورما العربي في " ايو " ويقول عامر وهو يذرف دموعا من لوعة قهرة على ما يجري في سوريا : لقد قدمت الى ايو منذ نحو السنة ونصف ، ولم تسعفة شهادتة العلمية في الحصول على وظيفة في الصين ، فعمد الى العمل بالمطاعم العربية كغيره من الشباب السوري ، ويحصل على قوتة اليومي من خلال تقديم الوجبات العربية .

" ايو " ليست فقط مدينة بطابع عربي بحت ، بل تجد ان السكان الصينيين انفسهم قد انصهرو مع الثقافة العربية وعادات وتقاليد العرب ، فمعظم رواد المطاعم العربية هم من الصينين ، وتجدهم يطلبون الشيشة والقهوه تيمنا بالشبان العرب ، بل ان البعض لا ياكل سوى الاكل العربي . السائق ( يان شي) من" ايو " ، يقول " لقد تعلمت الكثير من المفردات العربية ، وخاصة كيف حالك ، والسلام عليكم ، وغيرها من الكلمات ، ويحب العرب بشكل كبير ، وما يعرفة عن العرب بطيبة قلبهم وعطفهم ، وعندما سألتة عن الفلسطينيين في ايو ، قال انهم شعب ودود جدا ، وانا اعرف فلسطين من خلال القائد ياسر عرفات ، واتمنى الحرية لهم .

السياحة في "ايو" لها طابع خاص ، ويطغى عليها نسائم بحيرة هانجو ، والتى تبعد عن "ايو "مسافة ساعتين بالسيارة . لفت انظارنا فتاتين فلسطينتين موشحات بالحطة الفلسطينية، جاؤا الى" ايو" بهدف السياحة ، يافا شحرور ومريم شحرور ابنتا 18 عشر ربيعا " لقد جئنا الى ايو ، نزولا عند رغبة ابي وامي ، من اجل تقوية شخصيتنا ، ف دائما يقول ابي ان الغربة والسفر تصقل شخصية الفرد ، ولقد تمتعنا كثيرا بالاسواق في ايو ، خاصة سوق الليل الذي تفتح ابوابة عند منصف الليل ، واسواق الجملة ، وتبضعنا الكثير من المنتجات الفلسطينية هناك ، من زيتون واجبان والبان ، فنحن نقطن بكين منذ ما يقارب العشرين عاما، نظرا لطبيعة عمل والدي ".

ليس فقط تزاوج اللهجات العربية في ايو ، وجمالُ اسواقها ومستقبلها الواعد للتجار الفلسطينيين سيجذبك الى هناك ، بل ان التلاحم العربي في تلك المدينة ، ستجعلك على يقين بأن على هذه الارض ما يستحق الحياه ، وبان ارض البرتقال الحزين كما قال غسان كنفاني ، ستوقد الانحناءات المتعددة امام الالم الانساني الذي يتجسد في حكايا وقصص الفلسطينيين، اينما تواجدو ، فتحيه لمدينة على اطلالات الالم ، " ايو "

وتربعت ايو على عرش اكبر المراكز لتصدير السلع الاساسيه الصينية في الصين وحازت عالميا على لقب اكبر الاسواق في العالم وافضل المعارض التجاريه للسلع الصغيرة عام 2005.