دمية في فيلم أنيميشن تتحدى القيود .. وتصرخ: دعوني أتنفس!

دمية في فيلم أنيميشن تتحدى القيود .. وتصرخ: دعوني أتنفس!

24 إبريل، 2021 - 02:04pm
(شبكة أجيال) - عشرةَ دميةً تتحرك في عالم بصري صغير لترسل رسالة مجتمعية مفادها "دعني أتنفس"، حيث تدور إحدى الدمى (الطفل/ة) في نظام يتحكم به من حولها فقط، دون أن يمنحوها مساحة للحرية، فهي أشبه بحجر شطرنج.

طلاب مدرستي الإنجليزية الحديثة، والرجاء الإنجيلية اللوثرية في رام الله، تمكنوا، بشغفهم وقربهم للواقع، خلال ورشتين تدريبيتين في صناعة أفلام الكرتون (الأنیميشن-Animation) تنظمهما مؤسسة عبد المحسن القطان بمقرها في رام الله، من تحريك الدمية (الطفل/ة) التي لم يحدد هويتها بعد، ونقلها من واقع لونه أبيض وأسود إلى عالم يضج بالألوان والحرية، حيث استخدموا إحدى أدوات الأنیميشن، عن طريق الصور الثابتة، للتعبير عن تجاربهم وما يشعرون به حينما يكونون مسيّرين من قبل ذويهم، ولا يملكون خياراً آخر.

ويشارك في الورشتين، اللتين تعقدان لكل مدرسة على حدة، 11 طالباً وطالبة من مدرسة اللوثرية، و9 طلبة من مدرسة الإنجليزية، ويديرهما مصمم ومنتج الرسوم المتحركة باسل نصر.

وتهدف الورشتان إلى تبيان دور الفن وعلاقته بالمجتمع، وإحداث حوار مجتمعي قائم على عرض الحقائق والمعلومات بطرق نوعية فنية وبصرية.

"لقد شبّه الطلبة الدمية الطفل/ة بحجر الشطرنج، ووضعوها في نظام مخطط له ومحسوب، وفي النهاية حاولوا كسر النظام ومنحوه/ـا الحرية". هكذا بدأ نصر، حديثه عن فكرة الفيلم القصير (الأنیميشن) الذي يعمل على إنجازه الطلبة المشاركون حالياً.

وبالحديث عن مراحل إنجاز الفيلم، أوضح نصر أن المشاركين من المدرستين قاموا باختيار الفكرة قبل أشهر عدة، ومن ثم جرى تطويرها وتحويلها إلى قصة، ومن ثم تعلموا بناء المجسمات (الدمى) بأيديهم، باستخدام أدوات بسيطة كـالألوان، والفلين، والصمغ، ثم تحريك الدمى، واستخدام تقنيات التصوير.

وقال: "نحن الآن في مرحلة تحريك الدمى، حيث كل مجموعة تقوم بتحريك إحدى اللقطات، ويتم تسجيلها، لننتقل بعد أسبوعين إلى عملية تجميع اللقطات، والمونتاج، وإضافة المؤثرات البصرية والصوتية، وبهذا نحصل على فيلم قصير، سيتم عرضه في فعالية مشتركة مع ورشة تدريبية مناظرة تنظمها المؤسسة في مركز الطفل بغزة".

وأكد نصر أهمية استخدام تقنية الأنيميشن في إيصال الأفكار، وتحديداً الحساسة التي تقع مجتمعياً ضمن الخطوط الحمراء، إذ يسهل، ومن خلال الرسوم المتحركة، التعبير عن الواقع وإيصال المعلومات بشكل أفضل من طرح القضايا عبر فيديوهات مجردة.

وقال: "الأنيميشن يأخذك إلى عالم مختلف وحقيقي، والطلبة من خلاله حاولوا خلق نظام وقواعد وشكل محدد يعبر عنهم، باستخدام ألوان معينة تعكس فكرة معينة، حيث الفيلم بدأ بدرجات اللون الرمادي والأبيض والأسود ثم ظهرت الألوان، والألوان هنا لها دلالات مختلفة".

وعن اختيار فكرة الفيلم، أوضحت الطالبة آية سرحان (17 عاماً) من "اللوثرية" أن البداية كانت من لعبة الشطرنج، حيث اقترحت استخدامها كأداة للتعبير، ثم تحركت الأفكار في عقول الطلبة المشاركين كي تستخدم الأداة في إيصال رسالة مفادها "عدم فرض قيود على الأبناء"، ما يؤثر سلباً عليهم.

وقالت سرحان عن دلالة استخدام "الشطرنج": باللونين الأبيض والأسود نعكس قضية اجتماعية، حيث الأهالي يفرضون سيطرتهم، بشكل كبير وخانق على أبنائهم، ويحركونهم كما قطع الشطرنج".

أما الطالب بشار طبخنا (16 عاماً)، فأكد أهمية استخدام الفن كأداة للتعبير عن قضايا مجتمعية عدة، حيث اكتسب مهارات جديدة عدة من خلال الورشة كالرسم وبناء المجسمات، ما يساعده مستقبلاً في خوض تجربة تعليمية لدراسة تخصص الهندسة المعمارية.

وقال: "لأول مرة أحصل على تدريب غير منهجي وممتع، والبيئة التي نعمل فيها توفر لنا كل أساليب الإبداع".

أما الطالب آدم مهنّا (15 عاماً)، فقد قال: "تعرفت على فن تحريك الصورة (الأنيميشن)، وهو عالم مذهل، وساهم في ازدياد رغبتي أكثر في الرسم، حيث يمكن عبر الأدوات البسيطة أن نعبر عن هذا الفن وبأفكار مبتكرة مأخوذة من واقعنا".

وعن تجربة طلبة "الإنجليزية" في المشاركة بالورشة، نوهت معلمة العلوم ميساء كميل بأن الطلبة قد اكتسبوا مهارات عدة، وازدادت قدراتهم الإبداعية ووعيهم الفكري تجاه الأمور والقضايا المجتمعية، مشيرةً إلى أن التدريب جاء مكملاً لما يتلقاه الطلبة في المدرسة، وتحديداً ضمن نشاطات نادي العلوم.

وقالت كميل واصفةً فرحة الطلبة بالمشاركة: "شعرت بحماسهم وشغفهم، إذ يمارسون هواياتهم خارج جدران المدرسة والمناهج التعليمية، ما عزز لديهم روح العمل التشاركي والحوار المجتمعي".

وحاول الطالب إبراهيم العمري (15 عاماً) من مدرسة الإنجليزية، أثناء انشغاله بتعلم آلية تصوير مجسم المدرسة داخل غرفة التصوير، أن يحاكي الواقع من خلال الفن، وقال: "استخدمنا الفن كي نعبر عن قضية مجتمعية نعيشها، ومن خلاله نرسل رسائل كثيرة لنقول للمجتمع: تحرر من أفكارك وقيودك!".

وقال الفنان رأفت أسعد من "القطان": جاء هذا المشروع في سياق العمل مع المعلمين وطلبتهم لاستكشاف القضايا الاجتماعية المحيطة بهم، ومن خلال العديد من اللقاءات والتدريبات مع الطلبة، بدأت من أدوات البحث في القضايا الاجتماعية، ومن ثم تحويل القضية الاجتماعية إلى قصة".

وأضاف: "بعد ذلك تم تدريب الطلاب على تقنيات إنتاج أفلام الصور والرسوم المتحركة؛ بدءاً من تحويل القصة إلى سيناريو، ومن ثم بناء رؤية إخراجية، يتم من خلالها تحديد وتصميم الشخصيات والمشاهد التي قادتنا لاحقاً إلى عملية التصوير التي تم خلالها التعرف على برامج تصوير الرسوم المتحركة، وآلية عمل الكاميرات، ودور الإضاءة، وأخيراً تقنيات تحريك الشخصيات وعلاقاتها داخل المشهد.

يشار إلى أن هذه الورشة التدريبية تأتي في سياق تعاون المؤسسة مع مدرستي الإنجليزية والرجاء الإنجيلية اللوثرية، ضمن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية، الذي تنفذه المؤسسة بدعم مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC).

ر.ق-ر.أ