ملتقى فلسطين للرواية العربية يناقش في يومه الأول السرد والإبادة والذاكرة

ملتقى فلسطين للرواية العربية يناقش في يومه الأول السرد والإبادة والذاكرة

12 أغسطس، 2024 - 12:08am

(شبكة أجيال)- ضمن فعاليات ملتقى فلسطين السابع للرواية العربية، في يومه الأول، نظمت وزارة الثَّقافة الفلسطينيَّة ندوتين أدبيتين، الأولى بعنوان " السرد وألم الإبادة"، والثانية حول "الذاكرة والرواية".

وشارك في الندوة الأولى كل من الكاتب والأكاديمي إيهاب بسيسو ، والروائي والصحفي الفلسطيني أكرم مسلم، والناقد والأستاذ في الأدب العربي في جامعة بيرزيت عبد الكريم أبو خشان، والكاتب ورئيس المكتبة الوطنية عيسى قراقع .

وتحدث بسيسو عن العلاقة بين الذاكرة والأدب فهي حيوية وضرورية من أجل خلق هذه المساحات للإبداع، ولعل ما حدث في عام 1948 حفز كثيراً من الأقلام الفلسطينية للكتابة عن النكبة، ما يحدث اليوم في غزة لا يقل بشاعة عما حدث عام 1948 وكان تكرار الإبادة يحدث وفق آليات تكنولوجية جديدة يتفنن من خلالها الاحتلال في سياسات المحو، فكما فعل من إبادة قرى وقتل المئات، يفعل الآن في غزة، علينا الانتباه لهذه اللحظة التاريخية، كما انتبه رواد الأدب الفلسطيني خلال القرن العشرين في كيفية كتابة الرواية ومواجهة سياسات المحو التي يقوم بها الاحتلال من خلال الكتابة، فنحن بحاجة لعقد النقاش للحديث عن الذاكرة والتاريخ وسياسات الاحتلال للمحو، وكيف يمكننا كمثقفين وكتاب لمواجهة ذلك.

من جهته تناول عيسى قراقع تاريخ أدب الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال كأدب مقاومة، إذ استطاع الأسرى من خلال تمسكهم بالحياة الثقافية بالسجون تحدي الاحتلال الذي لاحق الثقافة والقلم والكتاب، فبالإرادة والإضراب انتزعوا حقهم بالحصول على القلم والكتاب، إذ انتظمت الجلسات الثقافية والقراءة في السجون، مضيفاً أن فوز الأسير الفلسطيني، باسم خندقجي، بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2024 عن روايته "قناع بلون السماء"، هو دليل على مدى تمسك الأسرى بهويتهم وحريتهم، إذ زخزت المكتبة الفلسطينية بأشعار وكتابات الأسرى، رداً على الرواية الاسرائيلية.

بدوره قال أكرم مسلم إن هذه الحرب هي محاولة لإبادة الحكاية أيضاً، فالحكاية تنزف كأنها إنسان، إذ أجاد الفلسطيني مهارة أفادته كثيراً، تمثلت بكفاءته في تحويل مأساته إلى حكاية حياة، لقد حدثت نكبة عام 1948 قبل شيوع الكاميرا، أما مجزرة صبرا وشاتيلا فوصلتها الكاميرا سريعاً، لكن في غزة الآن القتل يتم أمام الكاميرا تماماً. من عادة الحروب والمجازر أن تنفل عادية الأشياء وتفكك نظام الحياة، وتقترح خسارت غير مألوفة وغير مقروءة، وإن بدت كذلك، وبهذا تتأزم الكتابة، وتجاوبه أسئلة الجدوى فيما الكاتب في محنة، أما الناجون والرواة، والشخوص فليسوا في مأمن أبداً.

وفي مداخلته قال عبد الكريم خشان :"لم يكن ميسوراً على الكاتب في فلسطين، أن يستعيد الحدث ليفترسه، ويخرج منه بقناعة الإحاطة دون مكابدة، فلطالما استطالت الحكاية على الخيال، وغدا السرد تناولاً مختزلاً بفعل هذه المكايدة، ولأن الأمر متعلق بحلقات متواصلة من تجاهل لإنسانية الإنسان، ومراكمات لرواية عديمة المصداقية، فإن فاجعة اكتشاف حجم التشويه تجعل من مغامرة الكتابة المضادة، وسردية المواجهة أمراً بالغ الصعوبة.


وتمحورت الندوة الثانية حول الذاكرة والرواية، حيث شارك فيها كل من الروائي صافي صافي ، والروائي أحمد رفيق عوض، والناقد الأدبي تحسين يقين.

تحدث فيها صافي صافي عن أن الذاكرة تشمل المكان والأشخاص والأحداث والشعور والتخيلات، وإذا كانت الرواية هي فن السرد، فكلنا كتب نفسه، وما الرواية إلا سيرة ذاتية، أو جزء منها، بالمعنى الواسع للمصطلح، بما يشمل فهم المجتمعات، والفلسفات وعلوم النفس، والسياسة، فالذاكرة ليست ما مضى، ولا ذاكرة الحاضر، ولا الذاكرة القصيرة والمتوسطة، فنحن نصنعها، نحن نبحث عنها".

بدوره تحدث الروائي أحمد رفيق عوض عن الرواية الفلسطينية وعلاقتها بالذاكرة من حيث الاشتباك مع هذه الذاكرة ونقدها وهل الرواية أضافت أو حذفت من الذاكرة؟ فنحن نتحدث عن شعب هويته مجروحة، لذلك الفلسطيني الروائي عندما يكتب عن وطن وشعب، فهذه ذاكرة انتقائية فيها إرادة للكتابة، فالرواية أعادت تشكيل هذه الذاكرة.

وفي مداخلته قال تحسين يقين إن الأعمال الأدبية الفلسطينية في معظمها تحلت فيها ساهرة الذاكرة، بما يتعلق بكونها زمناً فلسطينياً خاصاً بدءاً من عام النكبة، وفي تقديمه أشار إلى تحربة الكاتب الروائي صافي صافي كونه يحمل مشروعاً روائياً يرتكز على الذاكرة في رواياته جميعها، وتم تذكر الأعمال الإبداعية للكاتبين وكتاب آخرين، داعياً للاهتمام بالزوايا المفصلية للأدب المعاصر.