"القطَّان" تُطلق مشروع "أصداء من التضامن"

"القطَّان" تُطلق مشروع "أصداء من التضامن"

02 أكتوبر، 2022 - 04:10pm

(شبكة أجيال)- تطلق مؤسسة عبد المحسن القطان، في مقرها برام الله، السبت 1/10/2022، مشروع "أصداء من التضامن"، الذي جاء نتيجةً لجهدٍ جماعي وبحثيّ على مدار 4 سنوات، ليسلط الضوء على الأشكال المختلفة التي آل إليها التضامن مع النضال الفلسطيني محلياً وعالمياً.

جاء هذا المشروع كفكرة تبلورت بعد انطلاق النسخة الرابعة من مهرجان قلنديا الدولي للفنون العام 2018، حيثُ اتخذ المهرجان، حينئذٍ، مُصطلح "التضامن" شعاراً له، واشتركت المؤسسات الثقافية في فحص ماهية التضامن مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من الماضي وحتى اللحظة، ومن هنا برزت الحاجة إلى فهمٍ أعمق للتجليات السياسية والاجتماعية والثقافية لمفهوم التضامن داخل فلسطين وخارجها.

وكانت مؤسسة عبد المحسن القطان قد بدأت العمل على المفهوم قبل 4 سنوات، تبلورت خلالها فكرة المشروع ومراحله، بالشكل الأكثر وضوحاً، حيث استهدفت سنوات العمل الأربع مجموعةً من الباحثين والفنانين والمؤسسات الثقافية، الذين عملوا جميعاً على سلسلة من الأبحاث والمناقشات، وأنتجوا مجموعة من الحواريات والكتب، ومعرض هو أول ثمار هذا الجهد الجماعي، ويستمر حتى نهاية شباط/فبراير 2023.

وفي كلمة الافتتاح للمرحلة الأولى من المشروع، عبر رئيس مجلس الأمناء في مؤسسة عبد المحسن القطان، عمر القطان عن أهمية الحقل الثقافي فلسطينياً، حيث استطاع إثبات أثره على مر الأعوام، لولا مجموعةٍ من العوامل التي ألمّت به حديثاً، فقال:" شكّل الحقل الثقافي الفلسطيني، حاضنةً للهوية الفلسطينية والعمل النضالي الفلسطيني، حيث استطاع أن يجمع الشتات الفلسطيني، ويقدم القضية الفلسطينية على منابر دولية، معززةً دوائر التضامن السياسي والإنساني مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وقد شهد القطاع الثقافي الفلسطيني، في الفترة الأخيرة، جُملةً من الهجمات وحوادث الاعتداء على القطاع الثقافي الفلسطيني والناشطين فيه، تخللها عنف جسدي ولفظي، وتهديد صريح طال عاملين وناشطين ثقافيين وفنانين ومؤسسات ثقافية متعددة، وصل حدّ إلغاء عدد من الفعاليات والأنشطة".

ونوّه القطان للقيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مصادر الدعم للمؤسسات الثقافية بعد جائحة كوفيد-19، فقال:" ترافقت هذه الحوادث الداخلية مع مجموعة القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مصادر الدعم المالي للمؤسسات الثقافية الفلسطينية الرازحة تحت الاحتلال، وبدا ذلك واضحاً بعد مجمل الإجراءات العالمية في العام 2020، التي رافقت حالة الطوارئ أثناء جائحة كوفيد-19، والتي أفرزت، بدورها، سلسلة من الهجمات البنيوية والقانونية ضد القطاعات الفلسطينية، وبعد تحديث الشروط العامة المطبقة على عقود منح التمويل للإجراءات الخارجية للاتحاد الأوروبي، أصبحت تجبر منظمات المجتمع المدني على فحص الأعضاء والشركاء نيابة عن الاتحاد الأوروبي، لمعرفة آرائهم وانتماءاتهم السياسية، لتقوم بالتالي بتجريم المقاومة الفلسطينية، وبالتالي فقد، أدَّى هذا القانون إلى إيقاف أحد أواخر مصادر الدعم المالي للمؤسسات الفلسطينية، مسبباً إغلاقاً وشيكاً محتملاً للمنظمات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني الرئيسية الأمر الذي أدى، مؤخراً، إلى إغلاق 7 مؤسسات أهلية فلسطينية، بعد قيام سلطات الاحتلال باقتحام مقراتها في مدينة رام الله".

وأضاف:" في ظل هذا الوضع الحرج الذي يمر به الحقل الثقافي الفلسطيني، يأتي مشروع "أصداء من التضامن"، ليتحقق من مفهوم التضامن مع النضال الفلسطيني، وتمثّلاته السياسية والاجتماعية والثقافية داخل فلسطين وخارجها".

في هذا السياق، يقول يزيد عناني مدير البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان؛ والقيِّم الرئيس للمعرض: "بعد أن جمعنا كل المواد المتعلقة بمفهوم التضامن مع المؤسسات الشريكة، قررنا أن نبلور الفكرة لمشروعٍ يرتكز على 3 مخرجات، أولها معرض مسح اللاتضامن، الذي يرتكز على تفحص (عدم) التضامن اليوم مع المشروع الثقافي المحلي، حيث يحاول الفنانون في المعرض، من خلال أعمالهم، استكشاف الأسباب خلف اللاتضامن بين القطاع الثقافي، والـلاتوحد الذي أدى إلى تشكيل حاضرنا الحالي. لذلك، كان مهماً أن ندعو القطاع الثقافي الفني لهذا المعرض الذي يعمل عمل المرآة، فيعكس صورنا ويضعنا أمام أنفسنا لنرى الإشكاليات التي يعانيها القطاع، وبالتالي فالمعرض بمثابة مصارحة ونقد ذاتي للمشروع الثقافي".

ويضيف عناني: "إن المخرج الثاني جاء بعنوان "أصوات مائجة"، وهو نوع من أنواع البحث الأرشيفي، حيث قامت مجموعة من الباحثين من الوطن العربي، بجمع مواد حول التضامن مع القضية الفلسطينية، اتخذت هذه المواد صوراً ولوحاتٍ وأعمالاً فنية، كانت جزءاً من معارض عالمية في أوروبا الشرقية، أو أمريكا اللاتينية، للتضامن مع الشعب الفلسطيني".

وتابع: "في نهاية المطاف، جمعنا كل هذه المواد، وقدمناها لمجموعة من الفنانين الذين حولوها إلى مواد مكتوبة أو مقطوعاتٍ موسيقية، تحاول، في جوهرها، الربط بين تاريخ التضامن الذي كان قوياً مع القضية الفلسطينية في الماضي، والحاضر الذي يتسم بالضعف العالمي، وتحوله إلى تضامن بين الشعوب، ومعنى ذلك أن ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، شهدت قضية فلسطينية سياسية، حين كان العالم يقوم بالضغط السياسي لتحرير فلسطين، بينما هي اليوم قضية شعوب محملة على الأشكال والتنظيمات المجتمعية المختلفة في دول العالم كله، وبناءً على هذا البحث الأرشيفي، سنُطلق حفلاً موسيقياً نعرض فيه إنتاجات الموسيقيين والفنانين بالصوت والكلمة".

وبحسب عناني، فإن المخرج الثالث لمشروع أصداء التضامن جاء بعنوان "سؤال فلسطين"؛ وهو سلسلة من الحواريات، التي ستطرح أسباب التحولات في مفهوم التضامن مع القضية الفلسطينية، من خلال العمل مع فلسطينيين وشركاء من باكستان وتشيلي وجنوب أفريقيا، ممن خاضوا تجارب مماثلة للتجربة النضالية الفلسطينية، وهذه النقاشات ستبحث في الطرق التي يمكن من خلالها اليوم بعث الرمزية العالمية لقضية فلسطين من جديد، وكيفية تحول الخصوصيات المحلية للفلسطينيين ونضالهم اليومي اليوم، إلى فكرة نضالية يمكن ترجمتها إلى لغة عالمية، وسيسجل نتاج هذه الحوريات لينشر لاحقاً على الصفحات الإلكترونية".

وأكد عناني أن كل مرحلة تستهدف فئات مختلفة من الجمهور، فمثلاً سيؤسس المعرض لوجود غرفة تحمل اسم "صالون التضامن"، وهي تشبه الصالونات السياسية القديمة، وستنفذ فيها مجموعة من الفعاليات التي تعمل على تحويل كل المواد المعرفية التي أُنتجت، لفعاليات ونشاطات تناسب الأطفال وطلاب الجامعات، والعائلات، كما أن الحفل الموسيقي سيستهدف كل الشباب المنتمين لعالم الفن والثقافة. وفي الوقت ذاته، فإن الأكاديميين والباحثين المهتمين بالعمل مع المؤسسات في تشيلي وباكستان وجنوب أفريقيا، سيستفيدون من المرحلة البحثية التي تحمل اسم "سؤال فلسطين"، وسيستفيدون من المواد التي ستُعرض فيها".

وضمن رؤية المؤسسة لتأسيس مجتمعٍ معرفي، يتسم بالعدل والحرية والتسامح، ويتبنى الحوار، ويقدر العلم والفن والأدب وينتجها، وذي حضور عالمي وفاعل، ورسالتها الدائمة بتحقيق بيئة ثقافية حيوية محفّزة للإنتاج المعرفي، جاء هذا المشروع كجزءٍ لا يتجزأ من أهدافها العامة، وعنصراً مؤكداً عليها.