الصليب الأحمر بعد 8 شهور على العدوان: المعاناة زادت

الصليب الأحمر بعد 8 شهور على العدوان: المعاناة زادت

22 يناير، 2022 - 08:01pm

(شبكة أجيال)- قالت مديرة البعثة الفرعية للّجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة مريم مولر، أن حالة "الهدوء"، التي أعقبت وقف إطلاق النار في غزة نهاية مايو/ أيار 2021، لم تسفر عن تحسين الأوضاع الاقتصادية الهشة.

وأضافت مولر في تصريحات لوكالة الأناضول أن الأوضاع في غزة بعد 8 شهور على انتهاء العدوان "المدافع سكتت والمعاناة ازدادت"، مؤكدة أن "التصعيد الأخير كان الأشدّ والأكثر حدّة منذ عام 2014".

وأشارت إلى التدهور الملحوظ في الوضع الإنساني في غزة على مدار العقد الماضي، وأضافت: "غزة معزولة عن بقية العالم منذ 15 عاماً، وما زال تضييق الخناق على اقتصادها مستمراً في ظل القيود الصارمة المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، التي تفاقمت بسبب الخلافات الفلسطينية الداخلية وتبعات جائحة كورونا، وتصعيد مايو".

وأكملت قائلة: "العديد من العائلات اضطرت لإيجاد حلّ بعد خسارة منازلها وأعمالها، وما زالت بعض العائلات التي دُمّرت منازلها عام 2014 تسكن في إيجارات مؤقتة وفّرتها لها منظمات إغاثية".

وبيّنت أن حالة من اليأس والإحباط تنتاب السكان نتيجة "عدم إحراز تقدّم في إيجاد حلول دائمة، أو إمكانية تحسين الحياة"، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة لأرقام قياسية.

وأشارت إلى أن القيود الإسرائيلية، والحروب الأربعة منذ 2008، تسببت بأزمة نقص في التيار الكهربائي، فاقمت من تردي الظروف المعيشية لدى السكان، مؤكدة في ذات الوقت أن سكان غزة يمتلكون العديد من المهارات (التي تمكّنهم من العمل)، وهم بحاجة إلى "فرصة للعيش بكرامة، مع دخل كاف لإعالة أسرهم".

وعن المساعدات التي قدّمها الصليب الأحمر بغزة، قالت مولر إن هذه المساعدات تحُول "دون حدوث الأسوأ"، وأن اللجنة بعد إعلان وقف إطلاق النار في مايو الماضي، قدّمت مساعدات إغاثية مالية لنحو 1500 عائلة تم هدم منازلها بشكل كامل، أو بليغ.

كما قدّمت دعماً لنحو 150 صياداً، و10 من مربي الدواجن، ونحو 210 مساعدات لأصحاب المشاريع الخاصة لمساعدتهم في الحفاظ عليها، وتدعم ألفي شخص، انضموا إلى العاطلين عن العمل، مؤكدة أن اللجنة الدولية "تركّز على توفير الاحتياجات طويلة الأمد، مثل إعادة ترميم البنية التحتية، وتقديم الدعم النفسي الضروري".

وفيما يتعلق بالمشاكل التي يواجهها القطاع الزراعي في غزة، قالت مولر إن التحديات متعددة بدءا من "النزاع المُمتد، وانتهاء بظواهر التغيّر المناخي؛ التي باتت تشكّل تهديداً رئيسياً له".

وأضافت أن مزارعي المناطق الحدودية، التي تُشكّل "السلّة الغذائية الاستراتيجية لسكان غزة"، هم الأكثر تضرراً من الحروب، وأردفت: "تبرز التحديات التي يصطدم المزارعون بها في تدهور الآبار الزراعية ومشاكل الري، وارتفاع تكلفة الحلول البديلة للطاقة كألواح الخلايا الشمسية؛ والتي لا يمكن للسكان تحمّلها".

كما يعاني مزارعو المناطق الحدودية، بحسب مولر، من "نقص المواد اللازمة لإعادة تأهيل الدفيئات الزراعية وأنظمة الري"، واستكملت: "العمليات العسكرية، التي شهدتها المنطقة الحدودية، على مدى عقد من الزمن، أثّر بشكل مباشر وعميق على سُبل عيش المزارعين ورفاههم الاقتصادي هناك".

وبيّنت أنه منذ انتهاء التصعيد دعمت اللجنة نحو 850 مزارعاً تضررت محاصيلهم أو مزارعهم، أو دفيئاتهم الزراعية، وقالت: "ساعدنا في إعادة تأهيل حوالي 70% من الأراضي الواقعة بين 100 إلى 300 متر من السياج الحدودي، بما يشمل إزالة مخلّفات الحرب (بمساعدة دائرة هندسة المتفجّرات في وزارة الداخلية بغزة)، وتسوية الأراضي والحرث والزراعة، بالإضافة إلى مرافقة المزارعين أثناء الحصاد".

ولفتت إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أشركت "أطراف النزاع في معالجة التحديات، خلال الحوار الثنائي، للمساعدة في ضمان التنفيذ السليم للأنشطة الزراعية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي بشكل فعال، وتمكين المزارعين من الوصول إلى مزارعهم".

وفيما يتعلق بالأوضاع الصحية، بينت مولر أن القطاع يواجه مشاكل منهجية خطيرة تؤثر على جودة الرعاية الصحية المتاحة للسكان، بما في ذلك الأطفال الذين يشكّلون 48% من عموم المجتمع.

وقالت: "هذه المشاكل تتراوح بين نقص الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة، والأزمة المالية المستمرة التي تفاقمت بسبب القيود الإسرائيلية، وتبعات كورونا، وعواقب التصعيد الأخير".

وأضافت أن حالة الفقر أثّرت على "مستويات التغذية لدى الناس وقوة جهاز المناعة لديهم، وعدم قدرتهم على شراء الأدوية غير المتوفرة في المستشفيات".

وأما فيما يتعلق بتفشّي جائحة فيروس كورونا في غزة، خلال العامين الماضيين، قالت مولر إن هذا الأمر "خلّف أثراً كبيراً على النظام الصحي، المنهك أصلاً.. فكرة فرض المزيد من الضغوط والتحديات على نظام الرعاية الصحية الهش، مقلقة للغاية".

ودعمت اللجنة الدولية، وفقاً لمولر، مستشفيات غزة "لتكون أكثر مقاومة للصدمات في المستقبل، ولتوفير رعاية طبية أفضل للسكان"، واستكملت: "دعم المرافق الصحية هو أولويتنا الرئيسية، فأثناء التصعيد الأخير، بقي فريقنا الجراحي، لمدة شهر بغزة، وعمل جنباً إلى جنب مع الأطباء في المستشفيات".

وأشارت إلى أن اللجنة، سهلت أيضاً "نقل الإمدادات الطبية من مستودع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله إلى فرعها في غزة لتجديد المخزونات التي استهلكتها طواقم الطوارئ الطبية".

وساهمت أيضاً في "إجراء إصلاحات على البنية التحتية، والرفع من قدرة نظام الطاقة الاحتياطي الذي يعتمد عليه عدد من مستشفيات غزة؛ لضمان استمرارية تقديم الخدمات".

وحول دور "الصليب الأحمر"، في تسهيل دخول معدّات طبية تمنع إسرائيل دخولها إلى غزة، قالت مولر : " نحن على اتصال دائم ومنتظم بوزارة الصحة في غزة، ونناقش في حوار مفتوح كافة التحديات التي تواجهها المنظومة الصحية، وكذلك الأمر مع كافة الأطراف المعنية بإدخال مثل هذه المواد".

من جانب آخر، أشارت مديرة الصليب الأحمر بغزة إلى أن الندوب غير المرئية (النفسية)، الناجمة عن الحروب المتكررة، تضع عبئاً إضافياً على عاتق سكان قطاع غزة.

وتضيف: "بعد انتهاء التصعيد الأخير، بات حجم الصدمات التي يعاني منها الأفراد هائلاً، خاصة لمن فقد أحبائه فإن الحزن والألم يبقى عالقاً في الذاكرة"، وذكرت أن النزاع ترك أثراً يتردد صداه لسنوات في نفوس الأطفال، والكبار بالسن، على حدّ سواء.

وتنقل مولر عن الأمم المتحدة، أن 9 من بين كل 10 أطفال بغزة، باتوا يعانون من صدمة ما بعد النزاع.

وأوضحت، أن الأطفال، الذين يشكّلون نحو نصف تعداد المجتمع وتقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، "عانوا في الجزء الأكبر من حياتهم من 4 عمليات عسكرية، وتصعيدات متعددة".

وذكرت أن اللجنة الدولية تواصل "جهودها للمساعدة في تعزيز القدرات المحلية للاستجابة لاحتياجات الصحة النفسية للسكان"، فضلاً عن تعزيزها لـ"برامج الصحة النفسية على مستوى المجتمع".

وفي موضوع آخر، تقول مولر إن "الذخائر غير المُنفجرة في القطاع، والألغام الأرضية، تشكّل خطراً مميتاً للسكان"، موضحة أنه خلال السنوات الثلاثة الماضية، تم الإبلاغ عن ذخائر غير منفجرة بغزة، لمرة واحدة شهرياً، على الأقل، واصفة ذلك بـ"الأمر المُقلق للغاية".

وتذكر أن اللجنة الدولية "تزوّد دائرة هندسة المتفجرات في وزارة الداخلية، والدفاع المدني، بالمعدات التقنية الأساسية والوقود والخبرة البشرية لرفع قدراتهم ومساعدتهم في إزالة الذخائر غير المنفجرة".

كما ساهمت اللجنة، خلال السنوات الماضية، بالتعاون مع "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة التربية والتعليم في غزة"، بـ"بتوعية المجتمع المحلي بمخاطر الذخائر غير المنفجرة"، واستفاد من جلسات التوعية أكثر من 130 ألف شخص.

ن.أ-ر.أ