أطلقت دائرة علم الحاسوب بجامعة بيرزيت، 25 أيلول 2018، محرك بحث معجمي يتيح للباحث استرجاع ترجمة ومترادفات ومعاني كلمة معينة من 150 معجما عربيا ومتعدد اللغات.
وحضر حفل الإطلاق رئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة، والوكيل المساعد لوزير التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي د. إيهاب القبج، ورئيس أكاديمية فلسطين للعلوم والتكنولوجيا د. مروان عورتاني، وأمين عام اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ممثل فلسطين في منظمة الألكسو الشاعر مراد سوداني، وعدد كبير من علماء الحاسوب واللغات.
يحتوي محرك البحث على أضخم قاعدة بيانات لغوية استغرق حوسبتها حوالي ثماني سنوات، وذلك ضمن مشروع بحثي غير ربحي وطويل الأمد لخدمة اللغة العربية، وإغناء الإنترنت بمحتوى عربي نوعي، إذ سيتمكن الباحثون والطلبة والجمهور العربي عموماً من إيجاد المصطلح العربي الذي يناسب متطلباتهم وبترجمات متعددة، خاصةً وأن قاعدة البيانات تحتوي على عدد ضخم من معاجم المصطلحات المعاصرة وفي شتى العلوم والمجالات العلمية والهندسية والتجارية والأدبية وغيرها، بالإضافة إلى المعاجم والمسارد اللغوية التقليدية. كما يحتوي المحرك على الانطولوجيا العربية وهي تصنيف لمفاهيم الكلمات العربية وتعريفها بحدودها وبلغة المنطق.
وقال رئيس الجامعة د. عبد اللطيف أبو حجلة، إن هذا الإنجاز يعزز من دور الجامعة العلمي والريادي في خدمة الأمة العربية. وبيَّن، أن حوسبة هذا الكم الهائل من المعاجم كان عملاً شاقاً، خاصة أنه تمت طباعتها ومراجعتها على مدار عدة سنوات، وأنه وبالرغم من ضعفِ الإمكانيات المادية، إلا أنه تم إنتاج ما حلمت به العديد من المؤسسات العربية قديما لحفظ وحوسبة المعاجم العربية. وشكر أبو حجلة دائرة علم الحاسوب والباحثين القائمين على هذا العمل لتسخيرهم جلّ وقتهم لخدمة أمتهم العربية، وتوقع أن تساعد قاعدة البيانات اللغوية على تحسين أداء العديد من التطبيقات. ودعا المؤسسات الحكومية لأن يُشركوا العلماء في الجامعات الفلسطينية وأن يُتيحوا لهم الفرصة لتقديم حلول وخدمات ضمن أُطر بحثية مُمَأسّسة.
وعبر عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا د. واصل غانم، عن فخره بهذا الإنجاز، والذي يضاف إلى العديد من الإنجازات الريادية والتاريخية لكلية الهندسة ولدائرة علم الحاسوب، والتي كان من ضمنها حوسبة اللهجة العامية الفلسطينية قبل عدة سنوات والتي تهدف لمساعدة الحاسوب على فهم وترجمة النصوص العامية. وأضاف أن التطور التكنولوجي هو الذي يدفع عجلة الإقتصاد وأن مثل هذه الأبحاث هي التي تقحم فلسطين في الثورة الصناعية الرابعة.
بدوره صرح الوكيل المساعد لوزير التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي د. إيهاب القبج "أننا نقف أمام انجاز علمي فلسطيني يعكس قدرة الفلسطينيين على الإبداع والريادة رغم ضعف الإمكانيات المادية، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الوزارة تسعى جاهدة إلى تحسين جودة التعليم في فلسطين. وأكد القبج أن وزارة التربية ستعمل على ايصال هذا المشروع إلى كافة طلبة المدارس وتعميمه على مؤسسات التعليم العالي بالتنسيق مع القائمين عليه.
أما رئيس أكاديمية فلسطين للعلوم والتكنولوجيا د. مروان عورتاني، فشكر جامعة بيرزيت على هذا الانجاز، وعلى اهتمامها في البحث العلمي رغم ضعف الإمكانيات. وأشار إلى أن أهمية محرك البحث تتعدى استخداماته كمعجم من قبل الجمهور العربي، وأنه يؤسس لتطوير العديد من التطبيقات الذكية، وأن غياب المصادر اللغوية المحوسبة أدى إلى ضعف أداء التطبيقات بالرغم من حاجتنا واستعملنا اليومي لها. وأضاف، أن أكاديمية فلسطين تسعى الى تطوير ومأسسة قطاع البحث العلمي الفلسطيني وتأطير الباحثين الشباب لزيادة مهاراتهم وقدراتهم البحثية والريادية، وأنها تنفذ حاليا عدة برامج للتشبيك العلمي مع العالم الخارجي. وصرح عورتاني أن الاكاديمية تشهد إعادة تطوير ومأسسة داخلية لتكون صوت العلماء والبحث العلمي في فلسطين.
من جهته عبر أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، وممثل فلسطين في منظمة الالكسو، الشاعر مراد سوداني، عن إعجابه بفكرة إطلاق محرك البحث المعجمي، ولفت إلى أنْ المعاجم الالكترونية تعد من أهمّ الوسائط المعتمدة في حفظ الذّاكرة اللغويّة للأمة العربية، ويتوجب تطويرها لتواكب حركة الانفجار المعلوماتي الهائل، ونسق الدّفق المصطلحي المتسارع في مجتمع المعرفة. وطالب سوداني القائمين على المشروع بأن يصروا على تطويره كونه مشروع مفتوح للمستقبل.
فيما عبرت رئيسة قسم تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الاسكوا بالأمم المتحدة د. نبال إدلبي في كلمتها عبر "سكايب"، عن أهمية هذا المشروع التاريخي في زيادة المحتوى العربي النوعي والمحوسب على الانترنت. وبينت، أن عدد صفحات الانترنت العربية تمثل 0.6% فقط من عدد صفحات الانترنت وذلك بالرغم من أن العرب يشكلون 5.7% من سكان الكوكب، معتبرة أن هذه أرقام صادمة بالمقارنة باللغات الأخرى مثل الألمانية. كما دعت مجتمع الباحثين إلى الاهتمام بالمحتوى العربي المحوسب خاصة وأن ذلك يساعد على بناء تطبيقات تخدم اهتمامات الامة العربية وتساعد على تعزيز اقتصادها.
وعرض د. مصطفى جرار، المدير والباحث الرئيسي للمشروع، محرك البحث والانطولوجيا العربية مبينا أن هذا المشروع يؤسس إلى بناء شبكة لغوية شاملة ومحوسبة للغة العربية ضمن أسس علمية حديثة ورصينة. وبين أن قلة المصادر اللغوية على الإنترنت وعدم إتاحتها لجمهور الباحثين ومطوري البرمجيات حد من حوسبة اللغة العربية وبناء تطبيقات قادرة على فهم ومعالجة الجوانب اللغوية. وتابع أن محرك البحث هو الأول من نوعه عالميا، من حيث عدد المعاجم وجودة محتواها، وانه يتم العمل حاليا على ربط جميع مدخلات المعاجم ربطا لغويا وربطا دلاليا.
وحول الأنطولوجيا، أوضح د. جرار، انها شجرة للمفاهيم العربية، أي تصنيف لمعاني الكلمات وليس الكلمات نفسها، مصنفة ومعرفة حسب ما توصلت إليه العلوم، وليس حسب ما شاع بين الناس كما المعاجم. وأن الأنطولوجيا بنيت بلغة المنطق المحوسب، مما يتيح استخدامها في العديد من التطبيقات الذكية، مثل البحث والاسترجاع دلالياً، الترجمة الآلية، التحليل الدلالي وفك الغموض الالي، البيانات الضخمة وتوحيد قواعد البيانات، الويب الدلاليّ، وغيرها من التطبيقات. كما أشار إلى أن الأنطولوجيا تشكل منهجية جديدة في هندسة المعاجم وصناعة المصطلحات وتعريبها خاصة في ظل ثورة وعولمة المعلومات.