أحياء روابي...أصالة الحارات الفلسطينية وأسلوب الحياة العصرية

أحياء روابي...أصالة الحارات الفلسطينية وأسلوب الحياة العصرية

23 مايو، 2015 - 09:05am

شبكة أجيال الإذاعية ARN_استوقفني، وأنا أمر بأحدى شوارع رام الله، لوحة إعلانية كتب عليها "أحلى شقة بأحلى حي"، فما اعتدنا عليه من إعلانات على سبيل المثال"لا تفوت الفرصة، تشطيب سوبر ديلوكس، اشتري بيت العمر، أو سعر الشقة بخط عريض". ما أثار إنتباهي في هذا الإعلان"أحلى حي"، فهل فعلاً في فلسطين هناك مشروع استثماري عقاري يُقدر أن منزل العمر هو بموقعه ونمط الحياة فيه، وليس فقط مجرد الشقة، وهل فعلاً سنجدد فكرة الحي أو الحارة الفلسطينية بما تتميز به من ترابط إجتماعي، وأحساس جميع السكان بمسؤوليتهم عنه؟!

أخذني فضولي إلى مدينة روابي لأستكشف ما هو المقصود! الملفت أن ما رأيته فعلاً يجعلني أقول أنها ليست دعاية إعلانية، بقدر ما هي ترويج لأسلوب حياة جديد ومختلف. فما يُميز أحياء روابي هو الإهتمام الكبير بالمرافق الخدماتية الأساسية، من حيث التنظيم والابتعاد عن العشوائية، والحرص الشديد على النظافة والمنظر الجمالي، فكل حي يوفر لساكنيه مواقف للسيارات تحت البنايات، ولضيوفهم مواقف في أماكن خاصة لا تؤثر على المظهر الحضاري العام بل تزيد من جماله، ولكلٍّ منها ساحات وممرات مرصوفة بالحجارة، وأماكن للعب الأطفال وأخرى لممارسة الرياضة لباقي أفراد العائلة.

ألوان شوارع الأحياء وأرصفتها المبلطة بنوع خاص من البلاط المتداخل بألوان وتصاميم إبداعية، كانت بالنسبه لي شيئاً جديداً ومميزاً حيث أبعدت عن ذهني اللون الأسود للإسفلت المتعب للعين الذي إعتدنا عليه في شوارعنا، وأعطاني شعوراً بالخصوصية والراحة، إختلط مع شعور آخر من الجمال والهدوء بما احتوته الشوارع الداخلية للأحياء من عناصر الزهور والنباتاتوأماكن الجلوس والراحة، إضافةً إلى الأرصفة التي تمتصميمها لتحتوي على كافة المكونات الرئيسية كالإنارة المميزة وأماكن المشاة.

ويبدو لي أن مهندسي المدينة حرصوا على دمج المنظر العام بما يعطي شعوراً بالنظام ويضفي جمالاً انفردت به أحياء المدينة، إنعكس ذلك من خلال لون المباني الذهبي، وأعمال الحديد المميزة، مع أشكال النوافذ الهندسية الفريدة، ومداخل البنايات التي يأخذ بعضها أشكال الأقواس الفلسطينية القديمة، وكأنها تعطي هوية للمكان وتزيد من عراقته. أعجبتني فكرة غرفة النفايات المشتركة والمصممة بدقة وتقنية تمنع أي تلوث، بالنسبة لي هذا يعني أنه يوجد حل عملي لمشكلة النفايات المتراكمة في الحاويات بمنظرها المؤذي للعين ورائحتها الكريهة.

وفي صالة العرض، ونحن نتجول بين نماذج المباني المتعددة، شرح لي موظف المبيعات هناك عمّا تقدمه أحياء المدينة من باقة متنوعة من خيارات الشقق من حيث المساحة والتصميم والتشطيب، لتتناسب مع مختلف الأذواق والاحتياجات للأسر الفلسطينية الباحثة عن شقة بمواصفات عالية مريحة، تقع ضمن حي عصري يقدم أحدث خدمات الحياة العصرية. وأوضح لي أيضاً أن العائلة الراغبة في الشراء تستطيع أن تختار شقتها وفقاً لتاريخ التسليم، فبعض شقق المدينة جاهزة للتسليم الفوري، وأخرى يستطيع المالك إختيار الفترة التي تناسبه لإستلام شقته بناءً على جاهزيتها والفترة التي تناسبهم للإنتقال إلى المدينة. كما يستطيع الراغبون في الشراء إختيار آلية التسديد والتقسيط ضمن البرامج العديدة المتوفرة لذلك.

وفي سؤالي عن البعد الإجتماعي لتجديد فكرة الحي، اتضح لي أن الفكرة هي أصلاً ناتجة عن الرؤية الأساسية لمطوري المدينة بايجاد نسيج إجتماعي متجانس يسهم في تثبيت القيم والمعايير السلوكية من جهة، وتجديد الترابط الإجتماعي والإنتماء للحي والمدينة من جهة أخرى. واحدة من الأفكار التي ستعزز هذه المعاني، تطبيق مبدأ لجان الأحياء والتي تقوم فكرتهاعلى تطوير نظام متكامل لتشكيل لجان يتم انتخاب أعضائها من سكان كل حي لتعنى بجميع المرافق والخدمات المشتركة والعامة داخل الحي، ولتنظيم شؤون الأحياء بما يضمن الحفاظ على بيئة مريحة، نظيفة وآمنة للسكان. كما وستقوم هذه اللجان، فور تشكيلها بتمثيل سكان الحي والتنسيق والتعاون مع البلدية.

كلمة أخيرة، أرى أن الإعلام المحلي لابد أن يساهم ويبرز لمجتمعنا أولاً، وللعالم أيضاً، هذه الأفكار الجديدة، والمشاريع الريادية والتي تحترم مكانة الإنسان الفلسطيني بسعيها لتقديمالأفضلله. لأنها حقيقةً مصدر فخر لنا، وتأكيد على قدرتنا كشعب فلسطيني على بناء وطننا. وروابي نجحت فعلاًرغم كل الظروف والتحديات، في إثبات هذه الحقيقة.